وفاة الرسول صلى عليه وسلم
ألمّ المرض بالرسول صلى
عليه وسلم بعد عودته من حجة الوداع بحوالي ثلاثة أشهر، وكان بدء شكواه في بيت ميمونة أم المؤمنين، وصح في البخاري أيضاً أن شكواه ابتدأت منذ العام السابع عقب فتح خيبر بعد أن تناول قطعة من شاة مسمومة قدمتها له زوجة سلام بن مشكم اليهودية، رغم أنه لفظها ولم يبتلعها لكن السم أثر عليه. وقد طلب صلى
عليه وسلم من زوجاته أن يمرّض في بيت عائشة أم المؤمنين، فكانت تقرأ المعوذتين وتمسح عليه بيده هو صلى
عليه وسلم لبركتها.
ولما أثقله المرض ومنعه من الخروج للصلاة بالناس قال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس، وراجعته السيدة عائشة رضي
عنها، لئلا يتشاءم الناس بأبيها، فقالت: إن أبا بكر رجل رقيق ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن. فأصرّ على ذلك، فمضى أبو بكر يصلي بهم) رواه ن كثير في البداية والنهاية.
وخرج النبي صلى
عليه وسلم يتوكأ على العباس وعليّ، فصلّى بالناس وخطبهم، وأثنى في خطابه على أبي بكر رضي
عنه وبين فضله، وأشار إلى تخيير
له بين الدنيا والآخرة واختياره الآخرة، قال: (إن عبداً عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة، ففطن أبو ب إلى أنه يقصد نفسه فبكى، وتعجب الناس منه إذ لم يدركوا ما فطن له) رواه أحمد.
وعندما حضره الموت كان مستنداً إلى صدر عائشة وكان يدخل يده في إناء الماء فيمسح وجهه -من شدة الحمى- ويقول: ( لا إله إلا
، إن للموت سكرات) رواه البخاري. وأخذته صلى
عليه وسلم بحة وهو يقول: (مع الذين أنعم
عليهم)، ويقول: (
م في الرفيق الأعلى فعرفت عائشة أنه يُخير وأنه يختار الرفيق الأعلى) رواه البخاري.
ودخلت عليه فاطمة فقالت: واكرب أباه، فقال لها: (ليس على أبيك كرب بعد اليوم)، ودعاها (فأسرّ إليها بشيء فبكت، ثم دعاها فأسرّ إليها بشيء فضحكت). رواه البخاري. وأخبرت رضي
عنها -بعد وفاته- أنه صلى
عليه وسلم أخبرها أنه يموت فبكت، وأخبرها بأنها أول أهله لحوقاً به فضحكت.
وقبض صلى
عليه وسلم حين اشتد الضحى -ورأسه في حجر عائشة- في يوم الاثنين، في الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة، ودخل أبو بكر رضي
عنه، وكان غائباً في السنح، فكشف عن وجه النبي صلى
عليه وسلم، وأخذ يقبله، وخرج إلى الناس، وهم ن منكر ومصدق من هول الموقف، فقال: أما بعد من كان منكم يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان منكم يعبد
فإن
حيٌّ لا يموت، قال
تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر
شيئاً، وسيجزي
الشاكرين)، فسكن الناس وجلس عمر رضي
عنه على الأرض لا تحمله قدماه، وكأنهم لم يسمعوا الآية إلا تلك الساعة (رواه البخاري).