يستدل المبيحين لشد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة عشر حديث
1ـ (( من زار قبري وجبت له شفاعتي )).
أخرجه أبو الشيخ وابن أبي الدنيا، عن ابن عمر، وهو في صحيح ابن خزيمة، وأشار إلى تضعيفه([6])، وقال: "في القلب من سنده شيء، وأنا أبرأ إلى الله من عهدته"([7]).
قلت: فيه مجهولان:
أ ـ عبد الله بن عمر العمري، قال أبو حاتم: مجهول.
ب ـ موسى بن هلال البصري العبدي، قال أبو حاتم: مجهول([8]).
وقال العقيلي: لا يصح حديثه، ولا يتابع عليه، يعني هذا الحديث([9]).
وقال الذهبي: وأنكر ما عنده حديثه عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر … فذكر هذا الحديث([10]).
وفي رواية: (( (من زار قبري حلت له شفاعتي )).
2ـ (( من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي )).
أخرجه الطبراني والبيهقي([11])، عن ابن عمر.
وفيه حفص بن سليمان القاري:
وقال الإمام أحمد بن حنبل: متروك الحديث([12]).
وقال البخاري: تركوه([13]).
وقال ابن خراش: كذاب يضع الحديث.
وذكر الذهبي هذا الحديث من منكراته بما لفظه: " وفي ترجمته في كتاب "الضعفاء" للبخاري تعليقاً: ابن أبي القاضي حدثنا سعيد بن منصور حدثنا حفص بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا: (( من حج وزارني بعد موتي…)) الحديث"([14]).
3ـ (( من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة)).
أخرجه البيهقي عن أنس([15]).
وفيه أبو المثنى سليمان بن يزيد الكعبي:
قال الذهبي: متروك.
وقال أبو حاتم: منكر الحديث([16]).
وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به([17]).
4ـ (( من حج ولم يزرني فقد جفاني )).
قال السخاوي في "المقاصد"([18]): "لا يصح، أخرجه ابن عدي في "الكامل"، وابن حبان في "الضعفاء"، والدارقطني في "العلل"، و"غرائب مالك"، عن ابن عمر مرفوعاً.
وقال الذهبي في "الميزان"([19]): "بل هو موضوع".
5ـ (( من زار قبري ـ أو قال: من زارني ـ كنت له شفيعاً أو شهيداً، ومن مات بأحد الحرمين بعثه الله من الآمنين يوم القيامة )).
أخرجه أبو داود الطيالسي([20]) في مسنده عن عمر بن الخطاب.
وفيه مجهول، وسنده كما يلي:
قال أبو داود: حدثنا سوار بن ميمون أبو الجراح العبدي، قال: حدثني رجل من آل عمر، عن عمر، قال: سمعت رسول الله r يقول… الحديث.
6ـ (( من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي، ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة )).
أخرجه الدارقطني في سننه، وابن عساكر عن حاطب([21]).
وفيه هارون أبو قزعة أو ابن أبي قزعة:
قال البخاري: لا يتابع على هذا الحديث([22]).
وشيخ أبي قزعة أيضاً مجهول.
وقد ذكر الذهبي في "الميزان"([23]) حديث حاطب هذا، وحديث عمر الذي قبله من منكرات هارون بن أبي قزعة.
7ـ (( من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة )).
قال النووي في المجموع([24]): "حديث موضوع، لا أصل له، ولم يروه أحد من أهل العلم بالحديث".
8ـ (( من جاءني زائراً لم تنـزعه حاجة إلا زيارتي كان حقاً عليَّ أن أكون له شفيعاً يوم القيامة )).
أخرجه ابن النجار في "الدرة الثمينة في تاريخ المدينة"([25])، والدارقطني([26]).
وفيه مسلمة بن سالم:
قال الذهبي في "ديوان الضعفاء"([27]): "فيه تجهم".
وقال ابن عبد الهادي: مجهول الحال لم يعرف بنقل العلم، ولا يحل الاحتجاج بخبره، وهو شبيه موسى بن هلال العبدي المتقدم([28]).
9ـ (( من لم يزر قبري فقد جفاني )).
رواه ابن النجار في "تاريخ المدينة" بلا سند بصيغة التمريض، ولفظه: "ورُوي عن علي قال: قال رسول الله r : … الحديث"([29]).
قال ابن عبد الهادي: هذا الحديث من الموضوعات المكذوبة على علي بن أبي طالب([30]).
قلت: وفي سنده النعمان بن شبل الباهلي، كان متهماً.
وقال ابن حبان: يأتي بالطامات([31]).
وذكره الذهبي في "الميزان"([32]).
وفي سنده أيضاً: محمد بن الفضل بن عطية المديني، كذاب مشهور بالكذب، ووضع الحديث.
قال الذهبي في "الميزان"([33]): قال أحمد: حديثه حديث أهل الكذب([34]).
وقال ابن معين: الفضل بن عطية ثقة، وابنه محمد كذاب([35]).
وقال الذهبي: مناكير هذا الرجل كثيرة، لأنه صاحب حديث([36]).
وقال أيضاً: قال الفلاس: كذاب([37]).
وقال البخاري: سكتوا عنه، رماه ابن أبي شيبة بالكذب([38]).
وقد رُوي هذا الحديث عن علي مرفوعاً([39]) بسند فيه عبد الملك بن هارون بن عنترة، وهو متهم بالكذب، ووضع الحديث.
قال يحيى: كذاب([40]).
وقال أبو حاتم: متروك ذاهب الحديث([41]).
وقال السعدي: كذاب([42]).
وقال الذهبي: واتهم بوضع حديث: (( من صام يوماً من أيام البيض عُدِل عشرة آلاف سنة )) ([43]).
ولهذا الكذاب ـ أعني عبد الملك بن هارون ـ له بلايا كثيرة تراجع في "الميزان"([44]) للذهبي.
10ـ (( من أتى زائراً لي وجبت له شفاعتي … )) الحديث.
أخرجه يحيى الحسيني عن بكير بن عبد الله مرفوعاً.
وقال ابن عبد الهادي: "هذا حديث باطل، لا أصل له، مع أنه ليس فيه دليل على محل النـزاع، وهو السفر إلى القبر"([45]).
11ـ (( من لم تمكنه زيارتي فليزر قبر إبراهيم الخليل )).
قال ابن عبد الهادي: "هذا من الأحاديث المكذوبة والأخبار الموضوعة، وأدنى من يعدّ من طلبة العلم يعلم أنه حديث موضوع، وخبر مفتعل مصنوع، وإن ذكر مثل هذا الكذب من غير بيان لحاله لقبيح بمن ينتسب إلى العلم"([46]).
12ـ (( من حج حجة الإسلام، وزار قبري، وغزا غزوة، وصلى عليَّ في بيت المقدس لم يسأله الله فيما افترض عليه )) ([47]).
رواه أبو الفتح الأزدي في الجزء الثاني من فوائده بسنده إلى أبي سهل بدر بن عبد الله المصيصي عن الحسن بن عثمان الزيادي.
قال الذهبي: حديث بدر عن الحسن بن عثمان الزيادي باطل ـ يعني هذا الحديث ـ، وقد رواه عنه النعمان بن هارون([48]).
هذا مع أن أبا الفتح الأزدي ضعيف.
وقال ابن الجوزي: كان حافظاً ولكن في حديثه مناكير، وكانوا يضعفونه([49]).
وقال الخطيب: متهم بوضع الحديث([50]).
ضعفه البرقاني، وأهل الموصل لا يعدونه شيئاً([51]).
13ـ (( من زارني حتى ينتهي إلى قبري كنت له يوم القيامة شهيداً أو قال شفيعا )).
أخرجه العقيلي في "الضعفاء"([52]) عن ابن عباس مرفوعا، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر.
هذا حديث موضوع على ابن جريج.
قال ابن عبد الهادي: "قد وقع تصحيف في متنه وإسناده، أما التصحيف في متنه فقوله: (( من زارني ))، من الزيارة، وإنما هو (( من رآني في المنام كان كمن رآني في حياتي ))، هكذا في كتاب العقيلي في نسخة ابن عساكر (( من رآني))، من الرؤيا، فعلى هذا يكون معناه صحيحاً لقوله r: (( من رآني في المنام فقد رآني، لأن الشيطان لا يتمثل بي )).
وأما التصحيف في سنده فقوله: "سعيد بن محمد الحضرمي"، والصواب "شعيب بن محمد"، كما في رواية ابن عساكر.
فعلى كل حال فهذا الحديث ليس بثابت، سواء كان بلفظ الزيارة أو الرؤيا، لأن راويه فضالة بن سعيد ابن زميل المزني شيخ مجهول، لا يعرف له ذكر إلا في هذا الخبر الذي تفرد به، ولم يتابع عليه"([53]).
وقال الذهبي: "قال العقيلي: حديثه غير محفوظ، حدثناه سعيد بن محمد الحضرمي، حدثنا فضالة، حدثنا محمد بن يحيى، عن ابن جريج، عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا: (( من زارني في مماتي كان كمن زارني في حياتي)).
وقال الذهبي: هذا موضوع على ابن جريج"([54]).
14ـ (( ما من أحد من أمتي له سعة ثم لم يزرني فليس له عذر)).
أخرجه ابن النجار في "تاريخ المدينة" عن أنس([55]).
وفيه سمعان بن المهدي:
قال الذهبي: سمعان بن المهدي عن أنس بن مالك حيوان لا يعرف،ألصقت به نسخة مكذوبة رأيتها قبّح الله من وضعها([56]).
قال ابن حجر في "اللسان"([57]): وهذه النسخة من رواية محمد بن المقاتل الرازي، عن جعفر بن هارون الواسطي، عن سمعان، فذكر النسخة، وهي أكثر من ثلاث مائة حديث اهـ.
منقول