لا إنكار في مسائل الخلاف مقولة صحيحة ام لا؟؟

لقد شاع عند الكثير عبارة: "لا إنكار في مسائل الخلاف"، وقد أشهرها أبو حامد الغزالي في (إحياء علوم الدين 2/325-326). وهذه العبارة لا وجه لها من الصحة، والصحيح أن يقال: "لا إنكار في مسائل الإجتهاد" أو نحوها. إذ أن المسائل الخلافية من حيث الماهية نوعان:

النوع الأول: مسائل خلافية غير إجتهادية؛ أي إنها تخالف نص صريح تدل على صحة أحد الأقوال فيها. وفي هذه المسائل الإنكار فيها فرض، فقد وضعت لجنة من علماء الدولة العثمانية (مجلة الأحكام العدلية) على مذهب أبي حنيفة في عهد السلطان الغازي عبد العزيز خان العثماني، وقد قررت اللجنة القاعدة الأصولية: "لا مساغ للاجتهاد في مورد النص" بتعبير آخر: "لا اجتهاد مع وجود النص".

النوع الثاني: مسائل خلافية إجتهادية؛ أي إنه لم يثبت نص صريح يدل على صحة أحد الأقوال. وفي هذه المسائل لا ينبغي الإنكار على من خالف رأياً لم يثبت بالقطع صوابه. والقاعدة الصحيحة في هذا النوع: "لا إجبار ولا إنكار في مسائل الإجتهاد".

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عمن يقلد بعض العلماء فى مسائل الاجتهاد، فهل ينكر عليه أم يجهر وكذلك من يعمل بأحد القولين؟

فأجاب: "مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه، ولم يجهر، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه، وإذا كان فى المسألة قولان؛ فإن كان الانسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به، وإلا قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم فى بيان أرجح القولين، والله أعلم" اهـ.

انظر: مجموع الفتاوى (20/207).