جاء في (سير أعلام النبلاء / 2 ) للإمام الذهبي -رحمه الله-
أحمد في "مسنده" : حدثنا عثمان بن عمر : حدثنا يونس الأيلي : حدثنا أبو شداد ، عن مجاهد ، عن أسماء بنت عُمَيس ، قالت: كنت صاحبة عائشة التي هيأتُها و أدخلتُها على رسول الله -صلى الله عليه و سلم- و معي نِسوة ، فما وجدنا عنده قرىً إلا قدحًا من لبن . فشرب منه ، ثم ناوله عائشة . فاستحيت الجارية ، فقلنا : لا تردي يد رسول الله ، خذي منه . فأخذت منه على حياء ، فشربت . ثم قال: "ناولي صواحبك" . فقلنا : لا نشتهيه . فقال :"لا تجمعن جوعًا و كذبًا"
فقلتُ : يا رسول الله ، إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه : لا تشتهيه أيعدُّ ذلك كذبًا ؟ " ، قال :"إن الكذب يُكتَب ، حتى تُكتَب الكُذَيْبة كُذَيْبَة".أهـ
.
.
فأين بالله مَن يتهاون في النُكت الكاذبة؟!
__________________
وهذه إضافة من " شرح صحيح الأدب المفرد للبخاري " ، لحسين عوايشة ، بتحقيق العلامة المحدِّث الألباني -رحمه الله- [بتصرف]:
عن عبدِ الله [هو ابنُ مسعودٍ] قال:
(( لا يَصلُحُ الكذبُ في جِدٍّ ولا هَزلٍ ، ولا أنْ يَعِدَ أحدُكُم وَلَدَهُ شَيئًا ثم لا يُنجِزَ له )).
قال الشارح:
- (( لا يَصلُحُ الكذبُ في جِدٍّ ولا هَزلٍ )): لذلك كان -عليه الصلاة والسلام- لا يقول إلا حقًّا؛ في جِدٍّ أو مداعبة.
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالوا: يا رسول الله! إنكَ تداعبُنا! قال:
" إنِّي لا أقولُ إلا حقًّا ".
وحذَّر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مِمَّن يُحدِّثُ فيكذب لِيضحكَ به القومَ؛ فقال:
" ويْلٌ للذي يُحدِّث فيكذب؛ لِيضحكَ به القوم، ويلٌ له، ويلٌ له ".
- (( ولا أنْ يَعِدَ أحدُكُم وَلَدَهُ شَيئًا ثم لا يُنجِزَ له )): إذْ هو حرام، لم يرخِّص فيه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-.
بل ورد تصريحُ تحريمِه في حديثِ عبدِ الله بن عامرٍ -رضي الله عنه- قال: دعتْني أمي يومًا، ورسول الله قاعدٌ في بيتِنا، فقالت: ها! تعال أعطيكَ. فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " وما أردتِ أن تعطيهِ؟ ". قالت: أعطيهِ تمرًا. فقال لها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: " أمَا إنكِ لو لَمْ تُعطِيهِ شيئًا؛ كُتِبتْ عليكِ كَذبةً ".
وقد سئل الشيخ بن باز رحمة الله عليه : ما حـُكم النُّـكَت في ديننا الإسلامي ؟ وهل هي مِن لهو الحديث؛ عِلمًا بأنها ليستِ استهزاءً بالدين ؟
فأجاب عنه الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -:
التفكُّهُ بالكلام والتنكيتُ إذا كان بحقٍّ وصِدق؛ فلا بأسَ به، ولا سيما مع عدم الإكثار مِن ذلك.
وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يمزحُ ولا يقولُ إلا حقـًّا - صلى الله عليه وسلم -.
أما ما كان بالكذبِ؛ فلا يجوزُ؛ لِقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " ويـْلٌ للذي يحدِّثُ فيَكذبُ؛ لِيُضْحِكَ به القومَ، ويـلٌ له، ثم ويـلٌ له " [أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد جيد].
والله وليُّ التوفيق.*