يقول الشيخ علي الطنطاوي:
"ولقد كان أبي رحمه الله ، كلما أيقظني لصلاة الصبح يقول لي: لا تتراخ، اقفز قفزا.
فأتراخى ، وأتكاسل، ثم أتناوم فلا أرد ، أو أرد ولا أقوم، حتى يمل فيدعني.
وأنا أعض أصابعي الآن ندما لأني لم أسمع هذه الوصية: "اقفز قفزا".
ولو أني سمعتها وعملت بها، أو أنه أجبرني عليها، لتغيرت حياتي ولما فشلت في إعداد الحديث ، ولكنت في دنياي وفي ديني خيرا مما أنا عليه اليوم.
وأنا الآن كلما أردت أن أقوم في الصباح أحس هذه الكلمة، كلمة أبي تدوي في أذني "أقفز قفزا"، قم إلى الصلاة فالصلاة خير من النوم ثم أسمع صوت الشيطان يقول لي: نم دقيقة أخرى، فالوقت فسيح، والفراش دافئ، والجو بارد"
ولا أزال بين داعي الواجب وداعي اللذة أفكر في ثواب الصلاة فأتحفز للقيام، وأتصور لذة المنام وبرد الماء فأسترخي وأتقلب من جنب إلى جنب،
ولاتزال نفسي بينهما كنواس الساعة ( الرقاص) بين: (قم)،(نم)،(قم)،(نم)،(قم)،(نم).حتى تدركني رحمة الله فأقفز، أو تطلع الشمس وتفوت الصلاة وأقوم وقد مضى الوقت، ودنا العمل فآكل طعامي لقمة بالطول ولقمة بالعرض، وألبس جوربا على الوجة وجوربا على القفا ،وأنسى من عجلتي الساعة او النظارات وأهرول في الطريق فأضحك الناس علي، وكل ذلك لأني أطعت الشيطان لعنة الله فلم أقفز قفزا، إلى صلاة الصبح."
كتاب: مع الناس للشيخ علي الطنطاوي