فضيلة الشيخ : اسمحوا لي أن أعرض هنا بعض المخالفات التي تقع في بعض الزواجات راجيا تفضلكم ببسط الحديث حولها ، وهذه المخالفات هي كالتالي :
أولا : لبس النساء للثياب التي خرجن بها عن المألوف في مجتمعنا معللات بأن لبسها إنما يكون بين النساء فقط ، وهذه الثياب فيها ما هو ضيق تتحدد من خلاله مفاتن الجسم ، ومنها ما يكون مفتوحا من أعلى بدرجة يظهر من خلالها جزء من الصدر أو الظهر ، ومنها ما يكون مشقوقا من الأسفل إلي الركبة أو قريب منها .
ثانيا : من الأخطاء الشائعة في بعض الزواجات ( الطق ) بمكبر الصوت والغناء من النساء والتصوير بالفيديو ، والأشد من ذلك الرجل المتزوج يقبل زوجته أمام النساء ، وعند إسداء النصح من الغيورين على محارم الله يجابهون بقولهم : إن الشيخ الفلاني أفتى بجواز(الطق ) فإذا كان هذا صحيحا نرجو من فضيلتكم إيضاح الحق للمسلمين ؟
* أما بالنسبة للمخالفة الأولى فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: ( صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات ، مميلات مائلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )(1). فقوله صلى الله عليه وسلم : ( كاسيات عاريات ) يعني أن عليهن كسوة لا تفي بالستر الواجب إما لقصرها أو خفتها أو ضيقها ، ولهذا روى الإمام احمد في مسنده بإسناد فيه لين عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما قال : كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطيه ـ نوع من الثياب ـ فكسوتها امرأتي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مرها فلتجعل تحتها غلالة ، إني أخاف أن تصف حجم عظامها ) (2)
ومن ذلك فتح أعلى الصدر فإنه خلاف أمر الله تعالى ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) (النور:31 ) قال القرطبي في تفسيره : وهيئة ذلك أن تضرب المرأة خمارها على جيبها لتستر صدرها ، ثم ذكر أثرا عن عائشة أن حفصة بنت أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر رضى الله عنهما دخلت بشي يشف عن عنقها وما هنالك فشقته عليها وقالت : إنما يضرب بالكثيف الذي يستر ، ومن ذلك ما يكون مشقوقا من الأسفل إذا لم يكن تحته شي ساتر فلا بأس إلا أن يكون على شكل ما يلبسه الرجال ، فيحرم من أجل التشبه بالرجال .
وعلى ولي المرأة أن يمنعها من كل لباس محرم ، ومن الخروج متبرجة أو متطيبة ، لأنه وليها فهو مسئول عنها يوم القيامة في يوم ( لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل شفاعة منها عدل ولا هم ينصرون ) ( البقرة :48 ) .
أما المخالفة الثانية : (الطق ) في الدف أيام العرس جائز أو سنة إذا كان في ذلك إعلان النكاح ولكن بشروط :
الشرط الأول : أن يكون الضرب بالدف وهو ما يسمى عند بعض الناس ( الطار ) وهو المختوم من وجه واحد ، لأن المختوم بالوجهين يسمى ( الطبل ) وهو غير جائز ، لأنه من آلات العزف، والمعازف كلها حرام ، إلا ما دل الدليل على حلة وهو الدف حال أيام العرس .
الشرط الثاني : أن لا يصحبه محرم كالغناء الهابط المثير للشهوة ، فإن هذا ممنوع سواء كان معه دف أم لا ، وساء كان في أيام العرس أم لا .
الشرط الثالث : أن لا يحصل بذلك فتنة كظهور الأصوات الجميلة ، فإن حصل بذلك فتنة كان ممنوعا .
الشرط الرابع : أن لا يكون فيه أذية على أحد ، فإن كان فيه أذية كان ممنوعا مثل أن تظهر الأصوات عبر مكبرات الصوت ، فإن في ذلك أذية على الجيران ومن هم غيرهم ممن ينزعج بهذه الأصوات ، ولا يخلو من الفتنة أيضا ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المصلين أن يجهر بعضهم في القراءة لما فيه من التشويش والإيذاء ، فكيف بأصوات الدفوف والغناء .
وأما تصوير المشاهد بآلة التصوير فلا يشك عاقل في قبحه ، ولا يرضى عاقل فضلا عن المؤمن أن تلتقط صور محارمه من الأمهات والبنات والأخوات والزوجات وغيرهن لتكون سلعة تعرض لكل واحد ، أو ألعوبة يتمتع بالنظر إليها كل فاسق . وأقبح من ذلك تصوير المشهد بواسطة الفيديو لأنه يصور المشهد حيا بالمرأى والمسمع ، وهو أمر ينكره كل ذي عقل سليم ودين مستقيم ، ولا يتخيل أحد أن يستبيحه أحد عنده حياء وإيمان .
وأما الرقص من النساء فهو قبيح لا نفتي بجوازه لما بلغنا من الأحداث التي بين النساء بسببه ، وأما إن كان من الرجال فهو أقبح ، وهو من تشبه الرجال بالنساء ولا يخفى ما فيه ، وأما إن كان من الرجال والنساء مختلطين كما يفعله بعض السفهاء فهو أعظم وأقبح لما فيه من الاختلاط والفتنة العظيمة لا سيما وأن المناسبة مناسبة نكاح ونشوة عرس .
وأما ما ذكرته من أن الزوج يحضر مجمع النساء ويقبل زوجته أمامهن ، فإن تعجب فعجب أن يحدث مثل هذا من رجل أنعم عليه بنعمة الزواج فقابلها بهذا الفعل المنكر شرعا وعقلا ومروءة ، وكيف يمكنه أهل الزوجة من ذلك ، أفلا يخافون أن يشاهد هذا الرجل في مجتمع النساء من هي أجمل من زوجته وأبهى فتسقط زوجته من عينيه ويدور في رأسه من التفكير الشي الكثير ، وتكون العاقبة بينه وبين عروسه غير حميدة .
وإنني في ختام جوابي هذا أنصح إخواني المسلمين من القيام بمثل هذه الأعمال السيئة، وأدعوهم إلي القيام بشكر الله على النعمة وغيرها ، وأن يتبعوا طريق السلف الصالح فيقتصروا على ما جاءت به السنة ( ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل ) ( المائدة : 77) .